لا يتصور السني مجتمعا بلا طبقات، دع الكلام عن سلطة موزعة أو حكم مشترك. لا يحتاج إلى استلهام التاريخ ليقرر أن الديمقراطية هي عين الفوضى و المساومة فتنة مقنّعة. يقول: هل الكواكب متساوية؟ هل الملائكة سواسية؟ فلماذا لا يكون بين البشر تمييز و تفضيل؟
انحلّت فكرة القدر القاهر في فكرة الرب القاهر.
التمييز واقع ملموس و مشروع، في نظر السني، على كل مستويات المجتمع. هناك حاكم و محكوم، سيد و مولى، شريف و عامي، حر و مملوك، ذكر و أنثى، بالغ و قاصر،عاقل و سفيه، عالم و أمّي، مؤمن و كافر، إلخ.
لا يكتفي الفقيه السنّي بإقرار ثنائية شاملة، بل يتفنن في تنويع أشكالها و تمييز مقاديرها. للحريات درجات و كذلك الشرف و كذلك العلم و كذلك النفوذ... و هكذا يتأسس علم مستقل، حساب مجتمعي يطبق بصرامة في القانون المدني و الجنائي.
إنكار الواقع المتفاوت أو الشك في العلم المتعلق به يعد كفرا و جهالة، سيما و أن إقرار المراتب له مظهر إيجابي: الحد من استبداد الحاكم. كما يقلل من مساوئ التفاوت الاجتماعي، يمثل هذا بدوره سدا ضد الفوضى السياسية.
❝
السنة و الإصلاح، ص 166-167