الأخلاق و التقدم


في مراحل متشابهة أو متقاربة من حيث التطور الاقتصادي ينبغي أن تكون هناك نظريات أخلاقية مطابقة لتلك المراحل و مترابطة فيما بينها إلى حد ما. فانطلاقا من اللحظة التي تطورت فيها الملكية الفردية للأشياء المنقولة، أصبح من اللازم أن تعرف كل المجتمعات التي سادت فيها تلك الملكية الأمر الأخلاقي التالي: يجب عليك ألا تسرق! لكن هل أضحى هذا الأمر الأخلاقي أبديا؟ كلا! ففي مجتمع ليس فيه أية أسباب تدعو للسرقة أو على أكثر تقدير لا يمكن لأفعال السرقة أن تتم فيه إلا من طرف المجانين، كم سيتعرض الواعظ الأخلاقي للسخرية عندما يدعو علناً إلى الحقيقة الخالدة: ينبغي ألا تسرق!

و خلاصة القول، فنحن لا نقبل بأي رأي مزعوم يريد أن يفرض علينا نظاما أخلاقيا دوغمائيا كيفما كان، باعتباره قانونا خالدا و نهائيا و ثابتا، يعلو على التاريخ و على مختلف الأعراق. فبما أن المجتمع تطور عبر الزمن من خلال تناقضات طبقية لحدا الآن، فقد كانت الأخلاق على الدوام أخلاقا طبقية، أو أنها عملت على تبرير الهيمنة و مصالح الطبقة المسيطرة، أو أنها كانت تمثل مصالح الطبقة المضطهدة الصاعدة و ثورتها ضد تلك الهيمنة. و هكذا يظهر أن الأخلاق بدورها تخضع بدون شك لفكرة التقدم، مثلها في ذلك مثل سائر المعارف البشرية.

فرديرك إنجلز F.Engels