فاته أن يكون ملاكاً


في السوق الكبير، اشتريت باقة من الزهور و عند باب المقبرة اشتريت باقة من الريحان. وجدنا هناك بعض حفظة القرآن يقرؤون سورا على بعض القبور و زوارا يترحمون على موتاهم. كنا نتمشى بين القبور عندما سألته:

- هل تعرف مكان كل القبور التي ستقرأ عليها السور؟

- كلا. المهم هو النية. لا يهم أن أقف قدّام قير معيّن لأقرأ رغم أني أعرف بعضها. و أنت أين قبر أخيك؟

نظرت نحو السور الذي دفن قربه أخي و قلت له:

- هناك. لا يمكن العثور عليه. إننا لم نبنِ له قبرا من قبل أن نرحل إلى تطوان. كنا فقراء.

- سأقرأ عليه سورة ياسين.

توقف فوق ربوة و راح يقرأ على أهل الرفاق الذين كلّفوه. عندما انتهى توجهنا نحو المكان الذي دفن فيه قبر أخي. قلت له:

- هنا. قرب هذا المكان.

أخذ يقرأ. أثناء قراءته كنت أنثر الزهور و الريحان على بعض القبور و على الأرض غير المُقَبّرة بالبناء بعد. كان مدفونا هناك. ربما تحت قدمي أو تحت قدمي عبد المالك أو في مكان ما. فجأة فكرت. لكن لماذا هذه القراءة على قبر أخي المجهول؟ إنه لم يذنب. لم يعش سوى مرضه ثم قتله أبي. تذكرت قول الشيخ الذي دفنه: "أخوك الآن مع الملائكة".
أخي صار ملاكا. و أنا؟ سأكون شيطانا، هذا لا ريب فيه. الصغار إذا ماتوا يصيرون ملائكة و الكبار شياطين.
لقد فاتني أن أكون ملاكاً.


محمد شكري، الخبز الحافي، الصفحة الأخيرة و ما قبلها

0 تعليقات:

إرسال تعليق